فصل: باب (في موجبات العقد)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***


الفصل الخامس‏:‏ في هزله

قال صاحب البيان‏:‏ المشهور أن هزل النكاح كجده، وقاله الأئمة لما في الترمذي، قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏ثلاث هزلهن جد‏:‏ الطلاق، والنكاح، والرجعة‏)‏، وفي الموطأ موقوفا على سعيد ابن المسيب، وعوض الرجعة‏:‏ العتاق، وروي عن مالك أن هزله هزل لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى‏)‏‏.‏

فرع‏:‏

قال صاحب البيان‏:‏ إذا خطب المرأة فقال الولي‏:‏ تزوجت فلانا، وقال بعد ذلك‏:‏ أردت الدفع، قال ابن القاسم‏:‏ إن حلف فلان ثبت نكاحه إن قامت بينة على إقراره، وأما بقول الأب الخاطب فالقول قول الأب مع يمينه، وقال أصبغ‏:‏ النكاح لفلان طلب بنكاح سابق أو بهذا القول؛ لأن النكاح لا لعب فيه، وقال محمد‏:‏ لا يلزم بهذا ولا بدعوى متقدمة، قال‏:‏ وهو أشبه الأقوال‏.‏

قاعدة‏:‏ لله تعالى أحكام في الظاهر على يد الحاكم لا تثبت في الباطن على ألسنة المفتين، كالأقضية المستندة إلى الأقارير، والبينات الكاذبة، وكل حكم في الباطن فهو حكم الله تعالى في الظاهر إذا ثبت، وقد يثبت في القضاء ما لا يثبت في الفتوى، فمعنى قول العلماء هزل هذه الثلاثة جد ليس معناه ما دلت القرائن فيه على اللعب، بل المستعمل للفظ له ثلاث حالات تارة يستعمله فيما وضع له فهذا يلزم في القضاء والفتوى، وتارة يستعمله في غير ما وضع له مجازا، فهذا لا يلزم في الفتوى ويلزم في القضاء، إلا أن يدل دليل على إرادته المجاز، وتارة يطلق اللفظ ولا يستعمله في شيء، فهذا هو الهزل لا يلزم في الفتوى على المشهور، وإن دل دليل على ذلك في القضاء لا يلزم، وإلا لزم بناء على الظاهر، فتأمل هذا المكان فتحقيقه عزيز، وإنما جعل الشرع الهزل في هذا الباب كالجد احتياطا له لشرفه، وعظيم ما يترتب عليه‏.‏

الفصل السادس‏:‏ في توقيته

وهو نكاح المتعة، وهي باطلة عندنا، وعند الأئمة لما في الموطأ ‏(‏نهى - عليه السلام - عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية‏)‏، قال صاحب البيان‏:‏ إذا تزوج المرأة ونيته فراقها بعد لذة، لا بأس به عند مالك، والأئمة‏.‏

وكذلك إذا نوى طلاقها عند سفره من بلد الغربة فلو علمت المرأة بذلك فهو متعة محرمة، وأما النهارية، وهي التي تتزوج على أن لا يأتيها إلا نهارا، قال ابن دينار‏:‏ يفسخ قبل البناء وبعده؛ لأن فساده في العقد، والذي يأتي على المدونة الفسخ قبل البناء، ويثبت بعده، ويأتيها ليلا ونهارا، وقاله أصبغ، وهل يجب بعد البناء المسمى أو صداق المثل، وهو الأظهر لتأثير الشرط في الصداق‏.‏

الفصل السابع‏:‏ فيما يقترن به من الشروط

وفي الجواهر‏:‏ الشروط ثلاثة أقسام‏:‏

القسم الأول‏:‏ يقتضيه العقد، كالإنفاق والوطء فلا يؤثر ذكره‏.‏

القسم الثاني‏:‏ ما يناقض العقد، كعدم القسمة ونحوه، فيمتنع ويفسخ النكاح قبل البناء، وفي فسخه بعده خلاف‏.‏

القسم الثالث‏:‏ ما لا تعلق له بالعقد كشرط عدم إخراجها من بلدها، وهو مكروه لما فيه من أسباب الخصومات، قال مالك‏:‏ ولا يلزم من الشروط إلا ما فيه تمليك أو عتق، فإذا شرط ولم يعلقه بيمين، ولا تمليك، ولا وضعت عنه من صداقها لأجله فله مخالفته، قال ابن يونس‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ الشرط اللازم يعود بعد الطلاق إذا بقي من الملك الأول شيء، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ إنما تقدح الشروط إذا كانت منافية لمقصود العقد إن ذكرت معه، وإن ذكرت قبله، وسكت عنها معه فلا، وإذا سقطت الشروط لها مهر مثلها، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ تبطل الشروط كلها ويصح النكاح، ويكمل لها المهر إن لم يف لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل‏)‏، وقال ابن حنبل‏:‏ يلزم الوفاء بكل شرط فيه فائدة‏.‏

فرع‏:‏

قال صاحب البيان‏:‏ إذا جعل أمر كل امرأة يتزوجها بيدها، فتزوج وأقامت مدة لا تقضي بشيء، فثلاثة أقوال‏:‏ إن مضى شهر ونحوه سقط ما كان بيدها إلا أن تشهد أن ذلك بيدها لتنظر فيه، قال ابن القاسم‏:‏ وذلك بيدها ما لم يدخل أو يطل قبل البناء، قاله مالك، وذلك بيدها ما لم تدخل، ‏(‏قاله مالك‏)‏‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إن اشترطت في العقد أن يطلق امرأته فطلق واحدة فقالت أردت ثلاثا، قال مالك‏:‏ طلقت ثلاثا؛ لأن لفظ اليمين على نية المستحلف، وكذلك لو كان تمليكا بخلاف إذا تطوع بذلك من غير شرط، وقيل‏:‏ ذلك سواء‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا زوج أمته على أن أول ولد تلده حر فسخ قبل البناء، وبعده أبدا لمناقضته العقد، وقال عبد الملك‏:‏ إذا لم يعثر عليه حتى ولدت لا يفسخ لذهاب الشرط، وأما إذا شرط كل ولد حر فسخ أبدا اتفاقا، فإن باعها السيد أو أصدقها قبل أن تحمل بطل الشرط، ورق الولد، وفسخ النكاح، ولا يجوز بيعها إذا حملت إلا أن يرهقه دين فتباع فيه، قاله في المدونة، وقال أصبغ‏:‏ لا تباع فيه حفظا للعتق، وإن مات السيد‏.‏

قبل وضعها، قال ابن القاسم‏:‏ للورثة قسمته، ويبطل العتق، ومنع أصبغ إلا أن يطول الأمر ويخاف على الميراث التلف إذا حمل ثلث الأمة؛ لأن العتق منعه، وإلا بيعت وقسمت‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا قال عند العقد‏:‏ رضيت بالشروط، ولا ألتزمها إلا بعد البناء ‏(‏فبنى بخلافها فأنكرت عليه امرأته، فقال‏:‏ إني قلت‏:‏ لا ألتزمها إلا بعد البناء‏)‏، فقالت‏:‏ ما بين لي هذا، لا يلزمها النكاح، وإن التزم الشروط الآن إلا أن يكون في المجلس قبل الافتراق، وإن رضيت بسقوط الشروط لا ينفع بعد الطول على المشهور في اشتراط رضا المرأة في القرب، قال‏:‏ والأظهر هاهنا البطلان مطلقا لعلم الزوج والولي بأن المرأة لها الخيار إذا اطلعت‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا اشترطت‏:‏ إن تسرى عليها فهي حرة، وله أم الولد، إن لم تعلم بها عتقت عليه؛ لأن المقصود أن لا يشاركها غيرها، وإن شرطت أن السرية صدقة عليها، قال ابن القاسم‏:‏ الشرط باطل؛ لأن الصدقة لا يقضى بها، ولو كانت لمعين، ويفسخ قبل البناء لتأثير الشرط في الصداق، وابن دينار يلزمه الشرط‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا زوج أمته بشرط إن رأى ما يكره فأمرها بيده‏:‏ إن أراد ما هو ضرر صح العقد والشرط والتمليك، أو ما يكرهه هو باختياره وإن لم يكن ضررا عند الناس، فأربعة أقوال‏:‏ يكره عند ابن القاسم، فإن وقع جاز، ولزم التمليك لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏إن أولى الشروط أن يوفى بها ما استحللتم به الفروج‏)‏، والكراهة لأصبغ، وقال عبد الملك‏:‏ يصح العقد، ويبطل الشرط لمعارضته للعقد، والرابع‏:‏ إن دخل بها سقط الشرط، والأخير‏:‏ المشروط، فإن تركه، وإلا فرق بينهما، وكذلك الخلاف إذا قالت المرأة، إن رأيت ما أكره إلا الجواز ابتداء دون كراهة‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا اشترطت عليه النفقة على ابنها الصغير، قال ابن القاسم‏:‏ يبطل الشرط، وتعطى صداق المثل لما وضعته لأجل الشرط، ويفسخ قبل البناء للجهل بالنفقة فلعله لا يعيش، قال‏:‏ وعلى قوله لو ضرب أجلا صح، وله الرجوع بنفقته على المرأة إلى حين الفسخ أو تصحيحه بصداق المثل، وقال أصبغ‏:‏ لا يصح إذا طرحت الشرط، والمشهور خلافه‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ وإذا قال‏:‏ إن أخرجتك من بلدك فأمرك بيدك ثم أراد ذلك، فقالت‏:‏ رددت عليك أمرك وأسقطت الشرط، قال مالك‏:‏ لا شيء عليه، ولا يقضى بعد ذلك بشيء؛ لأنه حق لها أسقطته‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا قال له‏:‏ طلق الأمة، ولك علي مائة صداق حرة إن أردت الزواج ففعل، ثم طالت المدة فعتقت وردها، وقد مات القائل، قال مالك‏:‏ إن تقادم الأمر فلا حق له في ماله، وإلا وجب؛ لأنه ليس هبة تبطل بالموت، بل بحق الطلاق، وتحاصص به الغرماء في الموت والفلس، وروي عن ابن القاسم‏:‏ هي هبة تبطل بالموت، وكذلك اختلفوا إذا أعطاه دارا له على أن يسلم هل ذلك لإسلامه أم لا، قال‏:‏ والأظهر‏:‏ أن له الحق تقادم أم لا، وفاء بالشرط أما لو، قال‏:‏ إن فعلت لي كذا زوجتك منع اتفاقا؛ لأنه جعل لا يلزم‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا تزوجها وبنى بها ومعها ابنة صغيرة عالما بها، ليس له إخراجها، وإن كان لها ولي يحضنها؛ لأن علمه رضا بها، وإن لم يكن لها ولي يحضنها سواء علم أم لا، ويخير بين الإقامة والطلاق، قاله مالك، وقال عبد الملك‏:‏ إن علم بها ولها ولي فله إخراجها؛ لأن السكوت رضا بالحالة الحاضرة دون المستقبلة، قال مالك‏:‏ ولا يمنع أخو المرأة من زيارتها إلا أن يتبين إفساده لها فيمنع بعض المنع؛ لأن صلة الرحم واجبة‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا تزوج أمة على أنه إن تزوج عليها فأمرها بيد مواليها فهلك مولاها فبيد ورثته أو وصيه دونها؛ لأن الحق لم يكن لها، ولو جعله بيد غير مواليها انتقل لها؛ لأنه يومئذ حق لها، فإن كانت حرة، وجعل أمرها بيد أبيها إن تزوج فتزوج فأراد الأب الفراق، وكرهته البنت، قال ابن القاسم‏:‏ ينظر السلطان في ذلك، ويتبع المصلحة، وقال مالك‏:‏ القول قولها‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إن شرطت عليه يوم يدخل عليها، فأمر امرأته بيدها أو هي طالق، ودخل بها وهي بائن ثم صالحها لا يلزمه شيء، قاله ابن القاسم؛ لأنه إنما التزم ذلك في ذلك اليوم، وقد تعذر شرعا بالبينونة، قال قوله هذا بناء على مراعاة اللفظ، وأما مراعاة المعنى فيلزمه؛ لأن المقصود عدم الاجتماع معها‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا شرط إن كان حرا ثبت النكاح، وإلا فلا يوقف عنها دخل أم لا، ويعمل بمقتضى الشرط، فإن عتق بعد الاشتراط، وقبل العلم فسخ النكاح؛ لانتفاء الشرط في نفس الأمر، ولها الصداق بالبناء وليس هذا اختيارا في العقد، بل اختيار لحال الزوج‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا اشترط أمر التي يتزوجها بيدها، فحنث‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ لا يتزوج عليها أبدا، فإن تزوج فسخ لعدم استقرار النكاح‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ قال ابن وهب‏:‏ كل ما اشترطه الأب على ابنه الصغير من الطلاق، والعتاق لازم له عند الكبر؛ لأن الشرع أقام الأب مقام الابن في التصرف، وقال ابن القاسم‏:‏ لا يلزمه إلا أن يعلم بها فيدخل عليها، فإن للأب مندوحة عن الشرط فلا ينفذ تصرفه فيها عليه بخلاف العقود، فإن اختلف هو وأهل المرأة هل شرط ذلك حالة الكبر أو الصغر ولم يأت ببينة فالقول قوله مع اليمين؛ لأنه مدعي الإسقاط، والذي يحلف من أهلها الأب والوصي دون غيرهما، فإن نكلا حلف الزوج، وكان ذلك كالبينة، ولو لم يدعيا ذلك، وقالا‏:‏ لا علم لنا حلفت المرأة كما تحلف في الإنفاق، فإن امتنع بعد البلوغ من الالتزام لم يلزمه النكاح، ولا شيء من الصداق إلا أن ترضى المرأة بإسقاط الشروط، فإن دخل بها قبل البلوغ أو قبل العلم سقطت عنه للفوات بالدخول، وفي كتاب محمد‏:‏ إن لم ترض قبل البناء قيل له‏:‏ إما أن ترضى، وإما أن تطلق، فإن طلق فعليه نصف المهر، فإن شرط الأب أو الوصي للصغيرة‏:‏ أن أمر نفسها بيدها، فتزوج عليها وهي صغيرة، إن عرفت الطلاق فالخيار لها في ذلك، وإلا انتظر تعقلها، فإن اشترطا‏:‏ أن أمر التي يتزوجها بيدها فتزوج عليها، وهي صغيرة لا تعقل فسخ لعدم استقراره؛ لتعليقه على اختيار من لم يعلم حاله في المستقبل، فإن كانت تعقل فلها الخيار‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ فلو شرط أبو النصرانية إن أسلم زوجها فأمرها بيدها أو بيدي، فأسلم سقط الشرط؛ لأن شروط الكفر لا تلزم بعد الإسلام، كانت مما يلزم المسلمين أم لا، كالطلاق والعتاق‏.‏

الفصل الثامن‏:‏ في العقد على جماعة دفعة

وفي الكتاب‏:‏ يجوز جمع النساء في عقد واحد إن سمى لكل واحدة صداقها، وإلا فلا، قال اللخمي‏:‏ وجوزه أصبغ وإن لم يسم، قال‏:‏ وهو أحسن؛ لأن النكاح مكارمة فلا عبرة بالجهل بحصة الصداق، فإن قال‏:‏ لا أتزوج هذه إلا بشرط أن تزوجني الأخرى بمائة، فإن كان صداق المثل فيهما على انفراد جاز، فإن أصدقها ستين على أن تكون بينهما بالسوية وصداق مثل إحداهما أربعون، والأخرى عشرون ‏(‏يطلق قليلة الصداق قبل الدخول يرجع عليها بعشرة، ويبقى بيدها عشرون‏)‏ عشرة منها لصاحبتها، وإن طلق الأخرى أخذ منها خمسة عشر، ومن صاحبتها تمام العشرين، قال صاحب النكت‏:‏ قال بعض القرويين‏:‏ إذا تزوجها في عقد ولم يسم لكل واحدة صداقها وفات‏:‏ قسم المسمى بينهما على قدر صداق مثلها، ولا يلحق بالغرر فيبطل، أو يتعين صداق المثل كجمع السلعتين في البيع إذا فاتا قسم المسمى، وقال غيره‏:‏ إذا طلق قبل البناء أو مات لا شيء لهما للجهالة، والأمتان كالحرتين، ولا يستحب ذلك لاتحاد الملك، وجوزه الأئمة ابتداء، وإن لم يسم كالسلعتين‏.‏

الفصل التاسع‏:‏ في تداعيه

ولا يثبت - عندنا - إلا بشهادة رجلين، وعند ‏(‏ش‏)‏، و‏(‏ح‏)‏ بشهادة رجل وامرأتين، لنا‏:‏ أنه من أحكام الأبدان فلا تقبل فيه شهادة النساء، وفي الكتاب‏:‏ إذا ادعى الرجل العقد على المرأة، وأنكرته وادعت أنه غلبها، فلا يمين على المنكر؛ لأنه لا يقضي عليه بالنكول، وإن ادعاها رجلان، وأقاما ببينتين ولم يعلم الأول فسخ عقدهما بطلقة لتحل يقينا، وافقتهما أو أحدهما أم لا، ولا يقضى بأعدل البينتين بخلاف البيوع احتياطا لأحكام الأبدان‏.‏

قال أبو الطاهر‏:‏ في القضاء بأعدل البيتين أقوال‏:‏ ثالثها‏:‏ التفرقة بين البياعات والنكاحات، وقيل‏:‏ لا يفسخ بطلاق، بل يتوقف، فإن تمادى الفراق لزمت طلقة، فإن تزوجها فلا، قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ إذا أقرت لأحدهما فهي له لترجحه، وإنما يصح القضاء بأعدلهما، كما قاله سحنون إذا اتحد المجلس واللفظ، وفي الجواهر‏:‏ إذا أتى أحد الزوجين بشاهد ففي تعلق اليمين بالآخر خلاف، ثم إن نكل لم يثبت النكاح ولا يحبس، ويغرم الصداق، قال ابن القاسم‏:‏ لا ينتظر إلا أن يدعي بينة قريبة، ويرى لدعواه وجه، فإن عجز ثم جاء بها، وقد نكحت أو لم تنكح فقد مضى الحكم، ومن ادعى زواج امرأة رجل قبله، وأتى بشاهد فليعزل عنها حتى يكمل البينة إن ادعى أمرا قريبا، فإن لم يكمل لا يحلف واحد منهما، قال أشهب‏:‏ إذا أقام بينة وأقامت بينة أن فلانا زوجها، وفلان منكر وجهل التاريخ يفسخ النكاحان ما لم يقع الدخول لأحدهما فهي له، ويقيم الآخر البينة أنه الأول، قال أشهب‏:‏ وإذا أقام بينة هي تنكر، وأقامت أختها بينة أنه زوجها وهو منكر، وجهل التاريخ، فسخ النكاحان، قال محمد‏:‏ لإنكاره نكاح الأخرى، فلو أقر أنها الأخيرة لقبل قوله؛ لأن البينة لا تكذبه، ولا ينفعه جحود مدعية السبق؛ لأن البينة أثبتت نكاحها‏.‏

فرع‏:‏

قال مالك‏:‏ تكشف البكر للشهود على رؤيتها عند العقد، قال محمد‏:‏ وعلى قولها إن كانت ثيبا، أو صمتها إن كانت بكرا، وإذا ادعت النكاح على ميت وأقامت شاهد واحدا، قال ابن القاسم‏:‏ تحلف وترث؛ لأن الميراث مال، ومنعه أشهب حتى يثبت النكاح؛ لأنه فرعه، ولو أقر في صحته بامرأة ثم مات ورثته بإقراره إن كان طارئا، وإلا فخلاف، إلا أن يكون معها ولد أقر به فيلحق به ويرثه، وكذلك لو أقر بوارث غير الزوجة لجرى الخلاف، وإقرار أبي الصبي أو الصبية مقبول عليهما؛ لأنهما أقيما مقامهما، وإقرار المحتضر بامرأة سماها بمكة مقبول، وكذلك المحتضرة، وإذا قال لامرأة‏:‏ ألم أتزوجك أمس، فقالت‏:‏ بلى، ثم جحد فاستفهامه إقرار، ولو قال‏:‏ تزوجتك، فأنكرت، ثم قالت‏:‏ بلى تزوجتني، فقال‏:‏ ما تزوجتك فلا يلزمه النكاح بهذا، وقولها‏:‏ خالعني أو طلقني، وقوله‏:‏ اختلعت مني، إقرار منهما، وكذلك قوله‏:‏ اختاري، أو‏:‏ أمرك بيدك، في الطلاق، قاله ابن سحنون، وكذلك‏:‏ أنا منك مظاهر، بخلاف‏:‏ أنت علي كظهر أمي، فإن الأجنبية كذلك‏.‏

فرع‏:‏

قال صاحب البيان‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ إذا قامت البينة على إقراره بالزوجية في حياته وصحته، والصداق كذا، ثبت ذلك إن كانت في عياله، وحوزه، وإن كانت منقطعة عنه في أهلها لم يقبل إلا أن يقيمها على إقراره في حياته؛ لأن انقطاعها ريبة، فإن تقارا جميعا ولم تكن في حوزه، فقال ابن القاسم‏:‏ يتوارثان إذا أشهد على ذلك وتقادم‏.‏

فرع‏:‏

قال ابن القاسم‏:‏ إذا قال في مرضه لمن عرفت مملوكته‏:‏ أشهدكم أني أعتقتها في صحتي وتزوجتها، وهي الآن طالق، ولا بينة على ذلك في الصحة فلا يثبت ذلك ولا الميراث؛ لأن النكاح لا يثبت إلا بعد العتق، والعتق لا يثبت بالإقرار في المرض، ولم يقل‏:‏ أمضوا هذا العتق، فإن صح لزم العتق والطلاق، والقول قوله في الصداق‏.‏

وفي الإقرار بالعتق في المرض ثلاثة أقوال‏:‏ أحدها‏:‏ ما تقدم، وفي المدونة‏:‏ إن كان ورثته ولدا أعتق من رأس المال، أو كلالة لم يعتق مطلقا للتهمة، ولمالك أيضا‏:‏ إن كان الوارث ولدا فمن رأس المال، وإلا فمن الثلث، فيجري الصداق والميراث على هذا الخلاف، والصداق من رأس المال إذا أعتقت منه أو من الثلث إن أعتقت منه‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا ادعت الثلاث وهي بائنة منه، ثم أكذبت نفسها لم تمكن منه قبل زوج، أو هي في عصمته ثم خالعها، فقالت‏:‏ كذبت، وأردت الراحة منه صدقت ما لم تذكر ذلك بعد البينونة، وإن أكذبت نفسها بعد موته فلها الميراث عند ابن القاسم، وقيل‏:‏ لا ميراث لها للتهمة، وقال سحنون‏:‏ تصدق في الميراث دون الرجعة في الحياة، وفي تصديقها مع الشاهد الواحد حال الحياة قولان لابن القاسم، وقال‏:‏ إن نكلت لم تمنع من الرجوع إليه، قال‏:‏ والقياس المنع كالنكول‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا لم تكن تحت زوج وهما طارئان، وعجز عن إثبات ذلك حلفت؛ لأنها لو أقرت كانت زوجة، وقيل‏:‏ لا تحلف؛ لأنها لو نكلت لم يثبت النكاح، قال‏:‏ والقياس‏:‏ إذا نكلت يحلف الزوج ويثبت النكاح‏.‏

القطب الخامس‏:‏ في مقتضاه

وهو يفيد جواز الوطء، قال صاحب القبس‏:‏ والوطء عند مالك واجب على الرجل للمرأة في الجملة إذا انتفى العذر، وقاله ابن حنبل، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ لا يجب إلا مرة واحدة، لنا‏:‏ الاتفاق على إلزامه في الإيلاء‏.‏

قاعدة‏:‏ العقود كالنكاحات والإجارات تتناول جميع الأزمان إلا ما استثناه العرف، كزمان الأغذية وقضاء الحاجات وغير ذلك، أو استثناه الشرع، كأوقات العبادات وزمان سماع الخطبة على من تجب عليه الجمعة، وفيه فصلان‏:‏

باب ‏[‏في موجبات العقد‏]‏

الفصل الأول‏:‏ فيما يباح من الزوجة

وفي الجواهر‏:‏ عقد النكاح يبيح كل استمتاع إلا الوطء في الدبر، وقاله الأئمة، ونسبته إلى مالك كذب، قال ابن وهب‏:‏ قلت لمالك‏:‏ إنهم حكوا عنك حله، فقال‏:‏ معاذ الله، أليس أنتم قوما عربا‏؟‏ قلت‏:‏ بلى، قال‏:‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏(‏نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم‏)‏ ‏(‏البقرة 223‏)‏، وهل يكون الحرث إلا في موضع الزرع ‏(‏أو موضع النبت‏؟‏ وقال إسرائيل بن روح‏:‏ سألته عن إتيان النساء في أدبارهن، فقال‏:‏ ما أنتم قوم عرب‏؟‏‏!‏ هل يكون الحرث إلا في موضع الزرع‏)‏‏؟‏ ألا تسمعون الله يقول‏:‏ ‏(‏نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم‏)‏‏:‏ قاعدة وقائمة وعلى جنبها، ولا يتعدى الفرج، قلت‏:‏ يا أبا عبد الله، إنهم ينقلون عنك حله، فقال‏:‏ يكذبون علي، يكذبون علي، يكذبون علي، رواه الدارقطني، وقال له علي بن زياد‏:‏ يا أبا عبد الله، عندنا قوم بمصر يحدثون عنك إنك تجيز الوطء في الدبر، فقال‏:‏ كذبوا علي، فالروايات متظافرة عنه بتكذيبهم وكذبهم عليه، وعزي إلى ‏(‏ش‏)‏، ونقل المازني تكذيبه لذلك كمالك، وظاهر الآية يقتضي التحريم خلاف ما يتوهمه المعنى لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏نساؤكم حرث لكم‏)‏، والمبتدأ يجب انحصاره في الخبر كقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم‏)‏، و‏(‏ذكاة الجنين ذكاة أمه‏)‏ فلا يحصل تحريم بغير تكبير، ولا تحليل بغير سلام، ولا ذكاة الجنين بغير ذكاة أمه، ولا النسل في غير حالة الحرث الذي هو الفعل المفضي إلى النسل، وروى ابن ماجه، قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها‏)‏، وروي، قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏إن الله لايستحي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن‏)‏، وروى الزمدوني، قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد‏)‏، ولأن الشرع إنما حرم اللواط والاستمناء لئلا يستغنى بهما عن الوطء الموجب للنسل الموجب لبقاء النوع، والمكاثرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأمته، وهذا المعنى قائم هاهنا فيحرم؛ لاندراجه في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏ويحرم عليهم الخبائث‏)‏ ‏(‏الأعراف‏:‏ 157‏)‏، وتلطخ الإنسان بالعذرة من الدبر من أخبث الخبائث، ولا يميل إلى ذلك في الذكور والإناث إلا النفوس الخبيثة خسيسة الطبع بهيمية الأخلاق، والنفوس الشريفة بمعزل عن ذلك‏.‏

تفريع في الجواهر‏:‏ الوطء في الدبر كالوطء في القبل في إفساد العبادات، وإيجاب الغسل من الجانبين، ووجوب الكفارة، والحد، والعدة، وحرمة المصاهرة دون التحليل والإحصان، واختلف في تكميل الصداق به‏.‏

فرع‏:‏

في البيان‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ لا بأس أن يكلم الرجل امرأته عند الجماع ويعريها، وقال القاسم بن محمد، وقد سئل عن التخير، فقال‏:‏ إذا خلوتم فاصنعوا ما شئتم، وكرهه صاحب البيان، وأجاز أصبغ النظر إلى الفرج عند الوطء من الجانبين‏.‏

الفصل الثاني‏:‏ في العزل

في الجواهر‏:‏ لا يجوز عن الحرة إلا بإذنها؛ لأنه يخل بوطئها، ولها حق في الوطء وكماله، ولا عن الأمة الزوجة إلا بإذن أهلها دون إذنها؛ لأن زواج الرقيق حق للسادات لأجل مالية النسل، ويجوز عن السريّة بغير إذنها إجماعا لعدم حقها في الوطء، وأصله ما في الموطأ، قال أبو سعيد الخدري‏:‏ خرجنا معه - عليه السلام - في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من سبي العرب، واشتهينا النساء، واشتدت علينا العزبة، وأحببنا الفداء فأردنا أن نعزل فقلنا نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا قبل أن نسأله، فسألناه عن ذلك، فقال‏:‏ ‏(‏ما عليكم أن لا تفعلوا ما من نسمه كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة‏)‏، قال صاحب القبس‏:‏ اجتمعت الأمة على جوازه، وإذا قبض الرحم المني فلا يجوز التعرض له، وأشد من ذلك إذا تخلق، وأشد منه إذا نفخ فيه الروح فإنه قتل نفس إجماعا‏.‏

الثاني‏:‏ في أسباب الخيار

وهي ثلاثة‏:‏

السبب الأول‏:‏ العيوب وفيه فصلان‏:‏

الفصل الأول‏:‏ في عيوب النساء

وفيه نظران‏:‏

النظر الأول‏:‏ في الموجب

وفي الكتاب‏:‏ ترد النساء بالجنون، والجذام، والبرص، وداء الفرج لما روي أنه عليه السلام‏:‏ ‏(‏تزوج امرأة من بني بياضة فوجد بكشحها بياضا فردها، وقال دلستم علي‏)‏، وروي عن‏.‏

عمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم‏:‏ رد النساء من هذه العيوب الأربعة، ولا مخالف لهم، فكان إجماعا، ووافقنا ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ لا ترد بعيب البتة؛ لقول ابن مسعود‏:‏ لا ترد المرأة بعيب، وجوابه‏:‏ تخصيصه بغير مورد السنة جمعا بينهما، وقياسا على الجب والعنة في الرجل، وفي الجواهر‏:‏ الجنون‏:‏ الصرع والوسواس الذي ذهب معه العقل، والجذام‏:‏ ما ينفر وإن كان قليلا، وقال ابن حنبل، واشترط ‏(‏ش‏)‏ تفاحشه حتى لا يقبل العلاج، لنا‏:‏ أنه منفر فيمنع الوطء، ولأنه يظهر في النسل‏.‏

فرع‏:‏

قال اللخمي‏:‏ ترد إذا اطلع أن أحد الأبوين كذلك لتوقعه في الذرية، قال‏:‏ ورأيت امرأة كان أبوها أجذم ولم يظهر فيها، وظهر في عدد من ولدها، وفي الجواهر‏:‏ ترد المرأة بالبرص، ولو خيط، وقاله ابن حنبل، وخالف ‏(‏ش‏)‏ كما تقدم في الجذام، وسوى ابن القاسم بين الرجل والمرأة فيه، وروى أشهب عدم اعتباره في الرجل وإن عظم، فإن النفرة من المرأة لا تمنع التمكين، ويمنع تعاطي الوطء من الرجل، قال اللخمي‏:‏ يعتبر الجنون، ولو كان في الشهر مرة، وترد بالبخر خلافا للأئمة؛ لأنه منفر، وقاسوه على الجرب، والصنان، والفرق أنه أفحش بشهادة العادة، وبالإفضاء، وهو اختلاط مسلك المني ومسلك البول، وقال ابن حبيب‏:‏ ترد بالقرع الفاحش لتنفيره كالبرص، ومنع أبو الوليد قياسا على الجرب، قال أبو الطاهر‏:‏ في الرد بنتن الفرج والقرع والسواد قولان، والمشهور‏:‏ الرد، وألحق اللخمي البخر في الفم والأنف‏.‏

فرع‏:‏

قال اللخمي‏:‏ يردها إذا وجدها عذيوطة، وهي التي تحدث عند الجماع، وقال ‏(‏ش‏)‏ وابن حنبل‏:‏ فإن تداعياه‏:‏ قال ابن المعذل‏:‏ يطعم أحدهما تينا، والآخر فقوصا، وخرج الحنابلة عليه‏:‏ الناسور والقروح السائلة في الفرج، ومنعوا في البخر‏.‏

فائدة‏:‏ قال الجوالقي فيما تغلط فيه العامة، يقولون‏:‏ العضروط للذي يحدث في الجماع، وإنما هو العدبوط بكسر العين وفتح الباء بواحدة من تحتها والدال، والواو ساكنين، والعضروط الذي تقول له العامة هو الذي يخدمك بطعامه، وجمعه عضاريط، وعضارطة‏.‏

وفي الكتاب‏:‏ ما علم أهل المعرفة أنه عيب في الفرج ردت به، وإن جومعت معه، فإن المجنونة قد تجامع، قال اللخمي‏:‏ الرتق، والقرن أربعة أقسام‏:‏ ما لا ضرر عليهما في قطعه، ولا عيب في الإصابة بعده فالقول قول من دعا إلى القطع، فإن طلق بعد رضاها بالقطع تشطر الصداق، وإلا فلا شيء عليه، وما يضرها ولا عيب فيه فالخيار لها دونه، وما لا يضر ولا يعيب فالخيار له دونها، فإن أحب لزمهما، وإن فارق فلا شيء عليه، وما يضر ويعيب‏:‏ فلكل واحد منهما أن يمتنع، قال ابن يونس‏:‏ وفي كتاب محمد إذا كان الرتق من الختان أزيل وإن كرهت، إذا قال النساء لا يضرها، قال أصبغ‏:‏ إذا أقامت للعلاج نحو السنة، وهو يستمتع بها فلها جميع الصداق كالعنين، وفي الرد بالسواد، والقرع، والبخر، والخشم، وهو نتن الأنف قولان، قال‏:‏

وأرى ردها بالصغر نحو خمس سنين لامتناع الوطء كالرتقاء، والصبر إلى البلوغ ضرر، وكذلك الهرم المفرط، والمستحاضة، ولم يجعل مالك الكفر عيبا في الزوجين، واختلف إذا قال لها‏:‏ أنا نصراني، فقال‏:‏ لها الرد، وقال ربيعة‏:‏ الإسلام ليس بعيب، وفي الجواهر‏:‏ قال ابن حبيب‏:‏ له الرد بالسواد، وإن لم يشترطه إذا كان أهلها بيضا؛ لأن ذلك كالشرط، قال أبو الوليد‏:‏ فعلى هذا يكون عارفا بأهلها، وإلا فلا‏.‏

فائدة من التنبيهات‏:‏ العفل بفتح العين المهملة، وفتح الفاء في النساء كالأدرة في الرجال‏:‏ لحم يبدو من الفرج، وقال غيره‏:‏ رغوة في الفرج تحدث عند الجماع، والقرن‏:‏ بفتح القاف، وسكون الراء مثله، وقد يكون خلقة، وقد يكون عظما، وقد يكون لحما، والرتق بفتح الراء التصاق موضع الوطء‏.‏

فرع‏:‏

قال ابن يونس‏:‏ إذا أكذبته في داء الفرج صدقت؛ لأن الأصل عدمه، ولا ينظر إليها النساء؛ لأن النظر جرحة في الشاهد، فإن شهد امرأتان جازت شهادتهما، وقال سحنون‏:‏ ينظر إليها النساء لضرورة دفع الخصام والضرر، وفي التنبيهات‏:‏ روى ابن أبي زمنين‏:‏ لفظ المدونة يقتضي نظر النساء، وقال ابن كنانة‏:‏ هو مذهب مالك لقوله في الكتاب‏:‏ ما علمه أهل المعرفة من داء الفرج، قال أبو الفضل، وفيه نظر؛ لأنه يمكن بقاؤهما عليه ويسأل عنه الناس‏.‏

فرع‏:‏

قال ابن يونس‏:‏ قال مالك وأصحابه‏:‏ ما حدث بها عند الزوج من العيوب الأربعة، فلا خيار لها، وقاله ‏(‏ش‏)‏ قياسا على عيوب البيع، قال محمد‏:‏ وما حدث بعد العقد من البرص الفاحش فلا خيار لهما، وخالف ابن حبيب وابن حنبل نفيا للضرر عنهما، وقياسا على الإجارة، قال صاحب البيان‏:‏ يفرق بينهما بالجذام البين حدث قبل العقد أو بعده، ولا صداق إلا أن يدخل، وقال أشهب‏:‏ لا يفرق بينهما إلا أن يتفاحش، ولا يحتمل النظر إليه‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ فإن رضيت بالمقام معه ثم كرهته فثلاثة أقوال‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ ليس لها إلا أن يريد، وقال ابن وهب‏:‏ لها نفيا للضرر؛ لأنه لا تؤمن زيادته، ‏(‏وقال أشهب‏:‏ ذلك، وإن أمنت زيادته‏)‏‏.‏

فرع‏:‏

وفي الجواهر‏:‏ ما حدث بعد العقد ففيه أقوال‏:‏ ثالثها‏:‏ التفرقة بين ما تخشى زيادته من البرص، ومالا فلا، ورابعها‏:‏ التفرقة بين كثير البرص وقليله‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ فإن ادعى الأب حدوثه بعد العقد فالقول قوله إن كان التداعي بعد الدخول؛ لأنه مدعى عليه الرد، وإلا فالقول قول الزوج، كقول المشتري قبل القبض، والمشهور أن الإيمان في هذا كله على البت من الأب والزوج وغيرهما، وفي الجواهر‏:‏ إن تداعيا تقدمه على العقد في المرأة‏:‏ فالبينة على الزوج، فإن تعذرت‏:‏ قال مالك‏:‏ إن كان الولي أبا أو أخا عليه اليمين، أو غيرهما فاليمين عليها، فجعل محل الغرم محل اليمين‏.‏

فرع‏:‏

قال ابن يونس‏:‏ قال مالك‏:‏ في المدونة يؤخر في الجنون بعد العقد سنة لعلاجه، فإن صح، وإلا فرق بينهما، والأجذم لها مفارقته بخلاف الأبرص لكثرة أذية الجذام، وقال ابن القاسم‏:‏ إن كان يرجى علاج الأجذم أجل سنة‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ فإن علم بعيبها ثم دخل فلا خيار له لرضاه، وكذلك إن علم بعد البناء فأمسكها، فإن أنكر العلم حلف، وإن ادعت المسيس بعد العلم وأنكره حلف؛ لأن الأصل عدمه، فإن نكل حلفت‏.‏

فرع‏:‏

قال اللخمي‏:‏ إذا قال الولي‏:‏ هي سالمة، قال ابن القاسم‏:‏ ليس بشرط، وقال أصبغ‏:‏ شرط، ولو قاله أجنبي بحضرة الولي وهو ساكت فهو غرر، وفي الجواهر‏:‏ قال أبو محمد، ولو كتب في العقد صحيحة العقل، والبدن ليس بشرط؛ لأنه تلفيق الوثاقة، ولو قال‏:‏ سليمة البدن فهو شرط؛ لأن العدول عن اللفظ المعتاد يشعر بالشرطية، وفي الكتاب‏:‏ لا ترد بغير العيوب الأربعة إلا أن يشترطه؛ لأن النكاح إنما يقع بعد الفحص فكان الأصل أن لا ترد بعيب البتة صونا للحرائر عن بذلة الرد، ولذلك لم يجز اشتراط الخيار، ولأنه مفرط بعدم الاشتراط‏.‏

تنبيه‏:‏ في الجلاب‏:‏ إن تزوجها في عدتها جاهلا، ودخل بها فعليه ردها، وهو بمنزلة العيوب التي ذكرناها، قال الشراح‏:‏ يريد في الرجوع بالصداق على الولي، قال الأبهري في شرح المختصر‏:‏ لأنه منعه من استدامة الوطء والصداق مبذول للاستدامة، ولو لم يعلم الولي بذلك رجع عليها؛ لأنها غرته، ويترك لها ربع دينار، ‏(‏وتحرم عليه أبدا؛ لأنه مصيب في العدة، فإن فرق بينهما قبل الدخول جاز أن يتزوجها بعد ذلك بعقد جديد‏)‏‏.‏

النظر الثاني‏:‏ في الموجب

وفي الكتاب‏:‏ يسقط الصداق إن لم يبين؛ لأنه فائدة الرد، وإن بنى فلها، ويرجع به على وليها إن كان أبا أو أخا أو من يعلم ذلك منها؛ لأنه غره، ولا يرجع الولي على المرأة؛ لأنها استحقته بالبناء، وإن كان ابن عم أو من لا يظن به علم ذلك فلا شيء عليه، ويرده إلا ربع دينار؛ لأنه حق لله تعالى، وقال ‏(‏ش‏)‏ يسقط قبل المسيس وبعده، وترجع بعده إلى صداق المثل؛ لأن مقتضى الفسخ تراد العوضين، ولا يرجع على الولي؛ لأنه وكيل، ويرجع عليها إن غرت، ووافقنا ابن حنبل، لنا‏:‏ قول عمر وعلي رضي الله عنهما‏:‏ أيما رجل نكح امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها، وذلك لزوجها غرم على وليها، من غير مخالف لهما فكان إجماعا‏.‏

تنبيه‏:‏ في الجلاب‏:‏ إذا اطلع على عيبها فطلقها واختار ردها قبل الدخول فلا شيء لها، قال الشراح‏:‏ هذه العبارة تجوز؛ لأن بعد الطلاق يتعذر الرد، بل معناه فردها وطلقها بالرد‏.‏

فرع‏:‏

قال ابن يونس‏:‏ إذا كان الولي معدما أو مات دون شيء لم يرجع على المرأة، قاله ابن القاسم، وقال ابن حبيب‏:‏ يرجع عليها إن كانت ملية أو على أولهما يسرا إن كانت عديمة كالضامن مع المضمون عليه، قال محمد‏:‏ إن علم البعيد ذلك منها رجع عليه بالإقرار أو بالبينة، ويحلف إن ادعى الزوج عليه بأمر علمه، فإن نكل حلف‏:‏ لقد علم وغرني، فإن نكل فلا شيء له عليها لإقراره بغرر الولي‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ فإن زوج الأخ البكر بإذن الأب فالغرم على الأب، أو الثيب فعلى الأخ؛ لانتفاء الإجبار، وإن زوج غير ولي غارا رجع عليه، إلا أن يعلم أنه غير ولي كالموكل على البيع، ويعلم المشتري الوكالة‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ وإذا رجع بالصداق لا يلزمه أخذ ما اشترته لشوارها؛ لأنها متعدية في تصرفها، قال ابن القاسم‏:‏ إن لم يعلم بعيبها حتى طلقها أو ماتت لا يرجع بشيء، كالعبد المعيب يباع قبل العلم‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا غر الولي فزوج في العدة فسخ بعد الدخول وضمن الولي الصداق، وإن كانت هي الغارة ترك لها ربع دينار، قال اللخمي‏:‏ فإن غراه جميعا تخرج في الرجوع بينهما، فإن رجع على الولي رجع عليها‏.‏

والمرأة والولي في العيوب على ثلاثة أقسام‏:‏ قسم يحمل فيه على العلم كالجنون، والجذام، وقسم يحمل فيه الأب فيه وحده على العلم كعيب الفرج الذي تطلع عليه الأم حالة التربية، وقسم يحمل جميعهم على الجهل فيما يخفى على الأم، أو ماتت الأم نفسها، أو حدث بعد موتها كالعفل أو يكون من ذوي القدر فلا يخبر بعيب بابنته، وقال ابن حبيب‏:‏ إذا اتهم الولي ورد اليمين عليه فنكل له الرجوع على المرأة خلاف ما تقدم، قال‏:‏ وهذا أصوب؛ لأنها تخفي عيبها فلا يضر الزوج عدوله عنها إلى الولي، فإن أمرته أن يخبر بعيبها فلم يفعل‏:‏ رجع الزوج عليه ورجع عليها فيما بين الصحة والداء وليس لها بيع معيب، وأخذ ثمن سالم إلا أن تكون عادتهم‏:‏ لا يتركون من صداق لعيب، وفي الجواهر‏:‏ إذا كان الولي القريب غائبا يخفي خبرها عليه، قال مالك‏:‏ وابن القاسم لا غرم عليه بل على المرأة، قال ابن القاسم‏:‏ بعد أن يحلف ما علم، وروي عن مالك‏:‏ عليه الغرم‏.‏

فرع‏:‏

في الجواهر‏:‏ فإن فارق أو مات أحدهما أو خالع ثم علم العيب بعد ذلك، بطل الرجوع، ويغرم الزوج الصداق كالمبيع المعيب يفوت، وقال سحنون‏:‏ يرجع الزوج على من غره، وإن غرته رجع عليها، وإن غرها رجعت بما خالعته به‏.‏

الفصل الثاني‏:‏ في عيوب الرجال

وفي الكتاب‏:‏ قال ابن المسيب‏:‏ للمرأة رد الرجل بالعيوب الأربعة، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف‏)‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 228‏)‏، قال مالك‏:‏ ترده بالجب، والخصاء بطلقة بائنة خلافا لـ ‏(‏ش‏)‏ في كونه فسخا كالبيع، وجوابه‏:‏ أن العقد صحيح فلا يدفع حكمه إلا الطلاق؛ لأنه الواقع المجمع عليه، وما عداه ممنوع ثم الفرق‏:‏ أن الإملاك يؤثر الاختيار في إسقاطها بالإعراض عنها فأمر في رفعها بالإقالة والفسخ بخلاف النكاح، قال‏:‏ وعليها العدة بعد الدخول إن وطئ، وإلا فلا، وإن قطع ذكره دون أنثييه، وهو يولد لمثله فعليها العدة، ويلحقه النسب، وإن علمت بعيبه قبل العقد أو بعده، ومكنته سقط قولها إلا في العنة؛ لأنها ترجو علاجه، قال الأبهري‏:‏ ولها المفارقة بطلقة واحدة بائنة لا أكثر، قال ابن يونس‏:‏ إن فارقت قبل البناء فلا صداق؛ لأن الفسخ من قبلها، قال ابن الجلاب إلا في العنين؛ لأنه غار لها، قال ابن يونس‏:‏ أو بعده فلها كمال المهر‏.‏

وعيوب الرجل أربعة‏:‏ الجب‏:‏ وهو قطع الذكر والأنثيين، والخصاء‏:‏ وهو قطع أحدهما، والعنة‏:‏ وهو فرط صغر الذكر، والاعتراض‏:‏ وهو عدم القدرة على الوطء لعلة، ويسمى أيضا‏:‏ عنة، فإن العنة من الاعتنان والعنن، وهو الاعتراض، ومنه عنان السماء بفتح العين جمع عنانة‏:‏ وهي السحابة المعترضة بين السماء والأرض، وقيل‏:‏ لأن ذكره يعترض قبل المرأة، وقيل‏:‏ لأن الآفة عرضت له، وفي التنبيهات‏:‏ الخصي مقطوع الأنثيين فقط، والفقهاء يطلقونه على مقطوع الذكر والأنثيين‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ يضرب للمعترض سنة من يوم ترافعه، وقاله الأئمة وعمر وابن مسعود‏:‏ لاحتمال تغير العلة في أحد الفصول الأربعة، فإن لم يصبها في الأجل فلها الفرقة بطلقة بائنة خلافا لـ ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل، وتقدم جوابهما، وتعتد لوجود مظنة الوطء ولحق الولد، ولها جميع الصداق لطول المدة، وإخلاق الجهاز، وقيل‏:‏ لها نصف الصداق لعدم الوطء لظاهر القرآن، قال ابن يونس‏:‏ يضرب للعبد نصف سنة؛ لأن تحديد مدة النكاح عذاب، ويتشطر لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب‏)‏ ‏(‏النساء‏:‏ 25‏)‏، ولأنه مقرب من الفراق وهو عذاب، وقيل‏:‏ سنة، وقاله ‏(‏ش‏)‏؛ لأن الضرب رفق به، وانتقال الأمراض في الفصول لا يختلف بالرق، والضرب هاهنا من يوم المرافعة؛ لأنه معذور بخلاف المولي من يوم الحلف، ولأنه يقول‏:‏ رجوت المسامحة فأخرت المعالجة‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ ولو اختلفا في العنة فالقول قوله، وقاله ‏(‏ش‏)‏ خلافا لابن حنبل؛ لأن الأصل السلامة كعيب المبيع، وإذا قال‏:‏ جامعتها في الأجل فكذلك لأنها مدعية استحقاق الفراق، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ القول قولها نظرا للأصل، وقال ابن حنبل‏:‏ البكر ينظر إليها النساء، والثيب يقال‏:‏ أخرج ماءك، فإن العنين يعجز عن الإنزال، فإن تنازعا في كونه منيا، وضع على النار، فإن المني يذوب، وفي الكتاب‏:‏ يحلف، فإن نكل فرق بينهما، فإن نكلت بقيت زوجة، ونزلت في المدينة فأفتى فيها غير مالك بأن يجعل الصفرة في فرجها، وقيل‏:‏ تجعل النساء معها، قال صاحب التنبيهات‏:‏ الذي أفتى بالصفرة هو ابن أبي صفرة لكن بعكس ما في الكتاب‏:‏ قال تجعل على ذكره، وتلتمس في فرجها، وقال ابن كنانة مفسرا للكتاب‏:‏ تبطح على ظهرها في الأرض، ويكشف هو ما خلفها لئلا يجعل الصفرة بإصبعه ولم يقله غيره، بل مواضع الوطء لا يصلها الإصبع، وقيل‏:‏ يجعل النساء معها، وفي الجواهر‏:‏ وروى ابن حبيب‏:‏ لا يحلف إلا بعد الأجل، ودعوى الإصابة، ثم حيث ثبت لها الخيار فأقامت فروى ابن القاسم لها الفراق من غير سلطان لتقدم الحكم، ومذهب ‏(‏ش‏)‏‏:‏ لها خيار الفسخ مطلقا من غير حاكم كالإقامة في البيع، وروي عن مالك‏:‏ لا بد من السلطان فيفرق بينهما من غير أجل؛ لأنه أمر مختلف فيه فلا يثبت إلا بالحاكم، وهو حجتنا على الشافعي في أصل العنة من جهة أنه أمر يحتاج إلى نظر بخلاف البيع، والفرق بينهما‏:‏ أن يؤمر هو بإيقاع الطلاق، فإن امتنع أوقع الحاكم، فإن وطئها ثم اعترض عنها أو زمن فلا حجة لها، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ السقوط حقها بالوطأة الأولى إلا مع قصد الضرر كالمولي، وإن أصابها ثم طلقها ثم تزوجها فلها مرافعته؛ لأنها لم ترض بالعيب، قال اللخمي‏:‏ قال عبد الوهاب‏:‏، ويضرب له أجل ثان، فإن أصاب وإلا خيرت؛ لأنها كانت تتوقع برءه، قال‏:‏ وأرى أن لا مقال لها؛ لأنها علمت بالعيب، وكذلك إذا تزوج غيرها، وعلمت الثانية بما تقدم أو ضرب له أجل فلم يصب، ورضيت بالمقام ثم قامت، قال ابن القاسم‏:‏ لها ذلك من غير أجل، وقال ابن حبيب‏:‏ إن قامت بقرب ذلك فلا مقال‏:‏ والقياس في هذا كله‏:‏ عدم مقالها‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ ولا يضرب الأجل إلا لمن يرجى ولم يعالج قبل ذلك سنة، فإن مرض في أجله لم يعتبره ابن القاسم، وقال أصبغ‏:‏ إن مضت السنة، وهو مريض استؤنف الأجل، وقال عبد الملك‏:‏ إن مرض بعضها لم تطلق عليه لاحتمال أن يكون المرض مانعا من زوال علته، قال‏:‏ وأرى أن يستأنف إن مرض جميعها، فإن صح النصف الثاني‏:‏ كمل عليه، وإن صح الأول‏:‏ استؤنف الأجل‏.‏

فرع‏:‏

في الجواهر‏:‏ إذا ادعت العيب وأنكر، فالمجبوب، والمحصور، وممسوح الذكر، وحده أو مع الأنثيين مختبر بالجس من على الثوب، والقول قول العنين، قال اللخمي‏:‏ أجاز مالك في ذلك قول امرأة واحدة، قال‏:‏ وأرى أن تسأل المرأة، فإن شكت عدم الانتشار نظر إليه من فوق، فإن قالت‏:‏ يذهب انتشاره إذا دنا فيجوز أن تصدق؛ لأن ذلك يعرض، ويجوز أن لا تصدق؛ لأنها مدعية حدوث علته‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ لولاة المياه وصاحب الشرط ضرب أجل العنين والمفقود؛ لأنهم حكام‏.‏

فرع‏:‏

إذا حدث بالزوج جنون بعد النكاح عزل عنها، وأجل سنة لعلاجه، فإن صح، وإلا فرق بينهما، وقضى به عمر - رضي الله عنه - وقال ربيعة‏:‏ إن أذاها لم تحبس عنده، وإلا لم يجز طلاقه، ولها مفارقة البين الجذام، قال ابن القاسم‏:‏ إن رجي علاجه ضرب له الأجل، قال ابن يونس‏:‏ قال سحنون‏:‏ يفرق بالبرص المنتن الرائحة، قال ابن القاسم‏:‏ ذلك إن أضر بها، وفي الجلاب‏:‏ روي الرد بالبرص كما ترد به المرأة، وروي عدم الرد؛ لأن الرجل لا يقصد للاستمتاع كالمرأة‏.‏

قال الأبهري‏:‏ وقال ابن حبيب‏:‏ يرد بها قبل العقد، وإن لم يكن فاحشا دون ما حدث بعده، إلا أن يكون فاحشا مؤذيا، قاله مالك، وأصحابه، وفي البيان‏:‏ المشهور إذا حدث الخصاء بعد البناء لا مقال له لنيلها الوطء الذي تناوله العقد، وقال أصبغ‏:‏ إن خصي قبل الدخول فكذلك أيضا؛ لأنها مصيبة نزلت بها ولم يقصد ضررها، والمشهور خلافه‏.‏

فرع‏:‏

في الجلاب‏:‏ إذا فرق بين العنين وامرأته بحداثة نكاحه‏:‏ ففي تكميل الصداق روايتان، ويكمل المجبوب، والخصي بعد البناء لدخولهما على عدم الوطء‏.‏

سؤال‏:‏ كيف يفرق بينهما بحداثة النكاح مع أنه لا يدمن من ضرب أجل سنة اتفاقا‏؟‏ جوابه‏:‏تقع الفرقة لعدم النفقة أو المضارة وغيرهما قبل السنة‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ من سرمد العبادة، وترك الوطء لم ينه عن تبتله، بل يخير بين الوطء والفراق إن طالبته، وفي الجلاب‏:‏ إذا هرم الرجل لم يفرق بينهما لدخولهما على ذلك‏.‏

تمهيد، قال اللخمي‏:‏ العيوب ثلاثة‏:‏ ما يجب استحسانا، فإن عقد معه صح‏:‏ كالقطع، والعمى، والشلل، وما يجب على الولي اجتنابه كالجنون، والجذام البين، ومختلف فيه وهو غير ذلك، فإن زوجها من خصي أو مجنون على وجه النظر لزمها، وقيل‏:‏ لا مقال لها في الجذام الفاحش، وقال سحنون‏:‏ لها المقام في الجنون، والجذام، وغير الكبر؛ لأنه ضرر، ولو كانت المجنونة اغتفر عيبه لعيبها، قال اللخمي‏:‏ فإن كان ذاهب الأنثيين فقط، قال سحنون‏:‏ مضى نكاحه، ولا مقال لها في عدم النسل كالعقم، وقال مالك‏:‏ يرد لنقص جماعه، قال‏:‏ والأول أبين، وللمرأة رده بقطع الحشفة، وقول سحنون في المجنونة لا يستقيم؛ لأن مجنونين لا يجتمعان، بل إذا اطلع كل واحد من الزوجين على عيب صاحبه فلكل واحد منهما القيام، وإن كانا من جنس واحد كجذام، وجذام أو غيره‏.‏

السبب الثاني‏:‏ الغرور، وفيه نظران‏:‏

النظر الأول‏:‏ في حكمه

قال أبو الطاهر‏:‏ في الغرور بالفعل الذي هو مباشرة العقد، وبالقول الذي هو الإخبار من غير مباشرة العقد، أقوال‏:‏ ثالثها‏:‏ يجب الضمان بالفعل دون القول لقوته‏.‏

فائدة‏:‏ أسباب الضمان ثلاثة‏:‏ الإتلاف، كإحراق الثوب، أو بسبب الإتلاف، كحفر بئر غير مأذون فيه، فيهلك فيه معصوم النفس أو المالية، أو وضع يد غير مؤمنة، كيد الغاصب ويد المختبر للسلعة ليشتريها فإنهما يضمنان، وإن لم يتلفا، ولا كانا سببا للإتلاف، وهو خير من قولنا‏:‏ وضع اليد العادية، فإن يد المستام ليست عادية، ومتى اجتمع السبب والمباشرة قدمت المباشرة كحافر بئر والإلقاء فيه، فيقدم الإلقاء لقربه من الأثر، إلا أن يقوى التسبب جدا فيقدم، كتقديم السم في طعام الإنسان، أو يستويان في القوة فيعتبران معا، كإكراه على القتل ليقتص منهما، فعلى هذه القاعدة يتخرج ضمان الصداق وغيره؛ لأن الغرور تسبب، وتضمين قيمة الولد؛ لأن شأنه أن يكون رقيقا فأبطل الأب رقه بظنة الحرية، فهو مباشرة الإبطال‏.‏

تفريع‏:‏ في الكتاب‏:‏ إن غرته بحريتها فعلم قبل البناء برقها، وإذن سيدها في إنكاحها فله الفراق لعيب الرق، ولا صداق إلا أن يبني فلها المسمى لاستيفاء ما يقابله، إلا أن يزيد على صداق المثل، ويسقط الزائد، وإن شاء أمسك ولها المسمى لتغريره بالعقد، ولا يفسد العقد بالغرور عند مالك، و‏(‏ح‏)‏، وابن حنبل، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ يفسد كما لو باعه فرسا فوجده حمارا، وجوابه‏:‏ أن الاختلاف في الصفات لا يوجب فساد العقد كالسواد والبياض، وتم فاتت الذات بالكلية، قال ابن يونس‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ إن نقص عن صداق المثل أتمه لاستيفائه المنفعة، وقال أشهب‏:‏ لا شيء عليه للرضا بالمسمى كما لو زنى بها طائعة، وفي الجواهر‏:‏ قال غيرهما ليس لها إلا ربع دينار، ‏(‏قال صاحب تهذيب الطالب‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ لا تزاد على ما أعطاها إن كان ربع دينار‏)‏، ولو نقصها وطؤه أكثر من ذلك، وإلا أعطاها صداق مثلها، وقال غيره‏:‏ إن أصدقها مثل صداق مثلها أعطيت نصف صداق حرة ونصف صداق أمة، قال ابن يونس‏:‏ ويصدق الزوج في ادعاء ظن الحرية؛ لأنه الظاهر، قال أصبغ‏:‏ والبينة على السيد، وفي الجواهر‏:‏ قال سحنون‏:‏ القول قول السيد؛ لأن الأب مدع حرية ولده وهو ولد أمة السيد، قال ابن يونس‏:‏ ولو أقر الأب برقها وقد فشا غروره له، وولدت لم تصدق لاتهامه في نسب الولد، وإسقاط القيمة‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا أخبره رجل أنها حرة زوجها إياه غيره فلا رجوع على المخبر أنها حرة؛ لأنه لم يباشر العقد، وكذلك إن باشرها جاهلا بالرق، وإلا رجع عليه بالصداق دون قيمة الولد؛ لأنه لم يغره من ولد، ولو أعلمه أنه غير ولي ولم يرجع عليه لدخوله على توقع الفسخ من الولي، قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ يرجع عليه إذا علم بالرق، وباشر كان وليا أم لا، ولا يترك له ربع دينار، وكأنه باعه البضع ثم استحق‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ لو غر عبده حرة، فإن أجاز السيد نكاحه فلها الخيار؛ لعدم الكفاءة، ما لم تمكنه من وطئها بعد علمها فإنه رضا، فإن كرهته فرق السلطان بينهما إلا أن يفارق الزوج‏.‏

النظر الثاني‏:‏ في الولد، وهو حر إجماعا، وفي الكتاب‏:‏ على الأب قيمة الولد لسيده، وقاله الأئمة يوم الحكم، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وقال ابن حنبل‏:‏ يوم الوضع، وقاله المغيرة منا في الجواهر؛ لقضاء عمر وابن عباس -رضي الله عنهما - بذلك، وجوابه‏:‏ أن سبب الضمان منع السيد من الولد، وذلك إنما يتحقق يوم الحكم، ولو كان لتفويت الرق لضمنه جنينا لتخلقه حرا ولم يقله أحد، وقد قضى عمر، وعثمان رضي الله عنهما بمثله، قال مالك‏:‏ وذلك يرجع إلى القيمة؛ لأنها أعدل‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ فإن قتل فأخذ أبوه ديته حرا، ثم استحقت الأم، فعليه الأقل من قيمته يوم القتل عبدا أو بما أخذه؛ لأن الأقل إن كان قيمة العبد فليس للسيد إلا عبد، أو الدية فيقول‏:‏ لو مات قبل الحكم لم أضمن شيئا، وقد مات ولم يبق إلا الدية، قال ابن يونس‏:‏ قال أشهب‏:‏ لا شيء عليه من قيمة الولد، كما لو اقتص الأب من قاتله أو هرب قاتله أو مات العبد، وترك مالا فإنه لأبيه، قال أصبغ‏:‏ إذا استهلك القيمة فوجده السيد معدما لا يرجع السيد على غارم الدية بشيء؛ لأنه أدى ما لزمه، وفي الجواهر‏:‏ لو جني على الولد جناية دون النفس تزيد ديتها على قيمته فالفاضل للولد؛ لأنه بدل أجزائه‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا استحقت وفي بطنها جنين‏:‏ فعلى الأب قيمته يوم الوضع، وهو حر؛ لأنه لا قيمة له قبل ذلك، ولو ألقته بجناية قبل الاستحقاق أو بعده فللأب غرة؛ لأنه حر، وعليه للسيد الأقل منها أو من عشر قيمة أمه يوم الجناية لما تقدم في القتل، وللولد حكم الأحرار في لحوق النسب، والجنايات قبل الاستحقاق، وبعده، قال ابن يونس‏:‏ قال أشهب‏:‏ لا شيء للمستحق كما في القتل‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا استحقت بعد موت زوجها معدماً أوفي حياته معدما، وولدها موسر فالقيمة على الولد؛ لأنه في معنى الفداء، وهو أولى به، فإن كان معدما فعليه إذا أيسر، وقيل‏:‏ لا شيء على الولد؛ لأنها جناية أبيه فلا تتعلق به، قال صاحب التنبيهات‏:‏ إذا رجع عليه عند عدم الأب يقوم بغير مال لئلاً يخرج من ماله أكثر من ماله، وقاله جماعة، وقال آخرون يقوم بماله؛ لأنه قاعدة التقويم‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ لو استحق الأمة عم الولد أخذ قيمته؛ إذ لا عتق عليه، أوجده فلا قيمة له لعتقه عليه، ولا ولاء له لتخلقه على الحرية، وإنما أخذت القيمة فيه بالسنة، قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ ولاؤه لأبيه، ولو زوجه أبوه أمته عالما فالولاء لجده لعتقه عليه؛ إذ لو كان الزوج أجنبيا لكان الولد رقيقا للسيد بخلاف ولد الغارة فإنه حر في الولد والأجنبي، وفي الكتاب‏:‏ لو غرته أمة أبيه فلا قيمة له، وكذلك أمة الابن، قال ابن يونس‏:‏ قال سحنون‏:‏ في أمة الابن يغرم الأب قيمتها دون ولدها، وتكون له أم ولد، والتزويج فيها ملغى، وأما أمة الأب الغارة للابن فهو كالأجنبي لها صداق مثلها، ويأخذه الأب، ولا قيمة عليه في الولد‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا غرت أم الولد فلسيدها قيمة الولد على رجاء عتقه بعتق أمه، فإن مات سيدها قبل القضاء فلا شيء للورثة لعتقهم بالموت، وإن قتل قبل الحكم فللأب دية الأحرار، وعليه الأقل مما أخذ أو قيمتهم على الرجاء، والخوف كما تقدم، قال ابن يونس‏:‏ وقيل‏:‏ يغرم الأقل من المأخوذ أو قيمة الولد عبدا؛ لأن ولد أم الولد تأخذ قيمته عبدا، قال‏:‏ وهو غلط؛ لأن الأب تلزمه القيمة على الرجاء، والخوف تخفيفا عنهم؛ لأنهم أحرار بخلاف القاتل، قال صاحب التنبيهات‏:‏ قال ابن حبيب‏:‏ لا قيمة لمن لم يبلغ العمل من ولد أم الولد؛ لأن تقويمهم يرجع إلى ما فات السيد من العمل، قال اللخمي‏:‏ قيمته يوم ولد، وقال مالك‏:‏ إن كان صغيرا لا خدمة فيه فلا شيء فيه، وإلا غرم أجرته كل يوم كلما كبر زاد الأب أجرته، وإن مات صغيرا فلا شيء عليه، وإن استحق بعد أن صار رجلا فعليه الأجرة من يوم الاستحقاق، قال مطرف، وإن مرض لم يكن عليه شيء حتى يصح، وإذا لم تستحق الأم حتى مات السيد فلا شيء على الأب، وتتفق الأقوال؛ لأن المراعى يوم الحكم، إلا قول المغيرة في القيمة يوم الولادة، فلا تسقط بموت السيد ولا الولد، وعلى قول مالك في أخذ الأجرة‏:‏ تقوم خدمة ولد المعتق إلى أجل، وقال عبد الملك‏:‏ يقوم عبدا لا عتق فيه كما لو قتلته أمه‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ في ولد المدبرة القيمة على الرجاء، والخوف ‏(‏في عدم عتقهم ثم أصل من عتق أم الولد‏)‏، وقيمة ولد المكاتبة موقوفة إن عجزت الأم أخذت، وإن أدت دفعت للأب لظهور حريتها، قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ في ولد المدبرة قيمته رقيقا؛ لأن العتق فيه مقدم على التدبير؛ لأن من اشترى مدبرا فأعتقه جاهلا به لم يرد البائع ثمنه إن علم المشتري بتدبيره، وإن كانت غرة، والقيمة المدفوعة في ولد المكاتبة قيمة عبد، واستحب محمد تعجيل دفعها للسيد بحسبها في الكتابة إن كانت أقل أو مساوية، وإن كانت أكثر لا يلزم الأب إلا الأقل من بقية الكتابة أو قيمة الولد؛ لأن كل ما ولدته المكاتبة دخل في كتابتها فكاتبها أحق بقيمة ولدها كما لو قتل أو أعتقه السيد، وهو ممن يسعى برضا الأم فيسقط عنها بما يخصه من الكتابة، قال محمد‏:‏ لو غصبت مكاتبته فبيعت فولدت عند المشتري أخذها السيد وقيمة ولدها رقيقا، وقال ابن القاسم‏:‏ توقف القيمة كما تقدم، قال محمد‏:‏ بل يعطى للأم في الكتابة، ولا يلزم الأب إلا الأقل، كما لو قتل السيد من ولدها بعد الكتابة تحسب قيمته من آخر الكتابة، قال محمد‏:‏ وعلى الأب قيمة ولد المبيعة إلى أجل على أنه يعتق عند الأجل، قال اللخمي‏:‏ إذا كان الغرم يسقط إذا أدت المكاتبة ويسقط إذا عجزت أن لا يعجل الغرامة بالشك إذا أمنت غيبته أو أتى بحميل وإلا دفعت للسيد إن كان مأمونا، وإن خيف وقفت على يد غيرهما، فإن أدت ردت للأب، وإن خيف عجزها وكان في بعض القيمة وفاء أخذ، والفاضل للأب، وإلا دفعت للسيد‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ ولد العبد المغرور رقيق لسيدها، وقاله ‏(‏ح‏)‏ إذ لا بد من رقة مع أحد الأبوين، وقال أبو الطاهر‏:‏ وقيل‏:‏ هو حر، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل؛ لأن الموجب لحرية ولد الأمة ظن حريتها، وهو موجود في حق العبد، قال أبو الطاهر‏:‏ وحيث قلنا بالحرية لم تجد من تتبعه بالقيمة، وفي الكتاب‏:‏ لا قيمة له؛ لأنه رقيق فلم يفت، قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ ويرجع العبد على من غره بالمهر ثم لا يرجع من غره عليها، وإن لم يغره غيرها رجع عليها بالفضل عن صداق المثل؛ لأنه كان يتوهم حرية الولد بحريتها فبذل لذلك زيادة، وهذا إذا ظهر أنه بنى على الحرية، وإلا فلا رجوع بخلاف الحر لا يشترط حريتها ثم يظهر أنها أمة؛ لأن ظاهر حاله يمنع زواج الأمة بخلاف العبد‏.‏

السبب الثالث‏:‏ العتق، وفي الجواهر‏:‏ إذا أعتقت تحت عبد فلها الخيار، وقاله الأئمة، فإن عتق بعضها بتلا أو كلها لكن بتدبير أو كتابة، أو صارت أم ولد فلا؛ لأن سبب خيارها عدم اتصافها بالرق فلم يكن العبد كفئا لها، وإن عتقت تحت حر فلا، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل لحصول المساواة، وأصله ما في أبي داود، قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏أيما أمة كانت تحت عبد فعتقت فهي بالخيار ما لم يطأها زوجها‏)‏، وفي الموطأ أن بريرة عتقت فخيرها - عليه السلام - فاختارت نفسها فقال لها عليه السلام‏:‏ ‏(‏لو راجعته‏؟‏‏)‏ فقالت‏:‏ يا رسول الله، بأمر منك‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏لا، إنما أنا شفيع‏)‏، فقالت‏:‏ لا حاجة لي به‏.‏

قال اللخمي‏:‏ قال ابن عباس‏:‏ كان زوجها عبدا يقال له‏:‏ مغيث، وقال الأسود‏:‏ كان حرا، قال البخاري‏:‏ قول الأسود منقطع، وقول ابن عباس صحيح، وقيل‏:‏ لها الخيار مع الحر؛ لأن العلة كونها مجبورة على النكاح فتختار عند زوال الرق، فإن عتقت من طلاق رجعي فلها الخيار، قال‏:‏ ولو قيل بمنعها من الطلاق إذا قال الزوج أنا لا أرتجع كان حسنا، وينظر السلطان للصغيرة في المصلحة، وكذلك السفيهة أن لا تبادر لاختيار نفسها؛ لأن لها عصمة نفسها كالامتناع من النكاح ابتداء، ورضاها بالمقام لا يلزمها على قول ابن القاسم إذا لم يكن نظرا لعدم اعتبار تصرفها، ويلزمها عند أشهب؛ لأنه ليس من باب المال، والسفيه يصح تصرفه في العبادات، وغيرها‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ فلو رفعها الزوج عند العتق، وقال‏:‏ أما تختاريني أو الطلاق، فقالت‏:‏ أنظر، وأستشير، فالقول قولها، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وابن حنبل، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ خيارها يختص بمجلس العلم لنا قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏فهي بالخيار ما لم يطأها‏)‏ الحديث المتقدم، واستحسن أن تؤخر ثلاثة أيام، فإن طال ذلك وطلبت بالنفقة عن الماضي لم يكن لها شيء لمنعها نفسها‏.‏

فرع‏:‏

قال في كتاب التمليك‏:‏ إذا قال‏:‏ إن لم أبعك إلى السنة فأنت حرة، فقالت‏:‏ إن خنت فقد اخترت نفسي، قال ابن القاسم‏:‏ لا بد من الاستئناف؛ لأن التصرف الأول عدم وجود السبب، كإسقاط الشفعة قبل البيع، والقسم قبل التزويج، والإبراء قبل موت الموروث، وقال أصبغ‏:‏ يلزم، واتفقا إذا قال‏:‏ لامرأته إن غبت عنك إلى سنة فأمرك بيدك، فقالت‏:‏ إن فعلت فقد اخترت أنه لازم‏.‏

فرع‏:‏

في الجواهر‏:‏ إذا عتقت ثم عتق الزوج بتلا قبل اختيارها، فلا خيار لها لحصول المساواة‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ فإن اختارت قبل البناء فلا صداق لها، وقاله الأئمة، ويرده السيد؛ لأن الفسخ من قبلها، فإن كان معدما‏:‏ فهل يسقط خيارها؛ لأن ثبوته يؤدي إلى إسقاطه ببطلان العتق به من الصداق، أو يثبت ويباع في الصداق لوقوع ذلك تبعا إذ يثبت ولا يباع؛ لأنه دين طارئ باختيارها، فلا يرد العتق المتقدم عليه ثلاثة أقوال، ولها المسمى بعد البناء، وقاله ‏(‏ش‏)‏ خلاف قوله في العيوب بصداق المثل، ويتبعها كمالها، إلا أن يكون السيد قبضه أو اشترطه‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ واختيارها طلاق لا فسخ كالرد بالعيب، والإعسار بالنفقة، وقال الأئمة‏:‏ فسخ كالبيع‏.‏

قاعدة‏:‏ شرع الله تعالى الأحكام، وشرع لكل حكم سببا لثبوته وسببا لنفيه إذا ثبت، وشرع في أسباب الأملاك البيع، والهبة، والوصية، وغيرها‏.‏ وجعل من جملة أسبابها حوزها من غير أمر زائد في المباحات التي لم يتقدم فيها ملك، ولما شرع حوزها سببا لثبوت الملك شرع تركها والإعراض عنها سببا في الانتفاء، كالمطروح من تافه الثمار، وسائر المتمولات، والإقالة على القول بأنها ليست بيعا، فإنها إبطال للملك بمجرد الإعراض، ولم يشرع الحوز سببا مستقلا في النكاح لخطره، وعظم رتبته فكذلك لا يشرع الإعراض عنه سببا لعدمه تسوية بين البابين، بل لا بد من سبب شرعي غير الإعراض وهو الطلاق، فلا يبطل نكاح صحيح إلا بطلاق لتحل للثاني يقينا، قال‏:‏ فإن مضت بأكثر من طلقة ففي لزوم الزائد؛ لأن الفراق بيدها، كالزوج، أو الاقتصار على الواحدة لحصول المقصود بها، والأصل‏:‏ عدم تصرفها في الطلاق‏؟‏ روايتان في الكتاب‏:‏ والأول رجع إليه مالك، وفي الكتاب‏:‏ الواحدة بائنة؛ لأن كل طلاق لا يندفع الضرر إلا به فهو بائن، الإطلاق المعسر وما في معناه، وروي عنه‏:‏ إن عتق له الرجعة كالمعسر، قال‏:‏ وفي الكتاب‏:‏ يحال بينهما حتى تختار لتزلزل سبب الإباحة، وإن قالت‏:‏ اخترت ولايته لها، فهي طلقة بائنة؛ لتعينها بتعين سببها الذي هو العتق، فلا تحتاج إلى نية، ولو بلغها العتق بعد زمان وهو يطؤها، فلها الخيار عند العلم وبعده ما لم يطأ، وإن منعت نفسها سنة، وقالت‏:‏ لم اسكت رضا، صدقت بغير يمين كالتمليك‏.‏

فرع‏:‏

في الجواهر‏:‏ قال يؤخر اختيارها عن زمن الحيض إن أعتقت فيه؛ لتحريم الطلاق فيه، فإن عتق قبل الطهر، قال ابن القاسم‏:‏ هي على خيارها، قال اللخمي‏:‏ لا خيار لها لحصول التسوية، فلو اختارت فيه فعلى القول بأنها بائنة يمضى الطلاق، وقال بعض المتأخرون‏:‏ وعلى القول بالرجعة ينبغي أن لا يمضى؛ لأن حكم الرجعة أن يجبر الزوج على الرجعة إذا أوقع في الحيض‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ يبطل خيارها بالتصريح بالإسقاط أو يفعل ما يدل على الإسقاط، كالتمكين من الوطء عالمة، فإن جهلت الحكم خاصة فالمشهور سقوط خيارها لظاهر الحديث المتقدم، ولأن الأحكام تتبع أسبابها، وإن جهل المكلف، وقاله ابن حنبل، وخالف القاضي أبو الحسن؛ لأن العتق سبب خيارها فالأصل استصحاب حكمه‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إذا أعتقت وهو غائب فاختارت ثم ثبت تقدم عتقه، فإن تزوجت أجراه بعض المتأخرين على الثلاثة الأقوال في امرأة المفقود‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ فإن اختلف في المسيس وأنكرت الخلوة، فالقول قولها مع يمينها، وإلا فالقول قوله مع يمينه عملا بالظاهر، فإن تصادقا عليه، واختلفا في الإكراه فالقول قوله؛ لأن الأصل عدمه، فإن تصادقا على المسيس طوعا، واختلفا في العلم بالعتق صدقت؛ لأن الأصل عدمه، قال محمد‏:‏ بغير يمين‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ فإن عتقت قبل البناء ولم يعلم إلا بعده فلها الأكثر من المسمى وصداق المثل على أنها حرة، وإن كان العقد فاسدا‏:‏ فصداق حرة قولا واحدا أو صحيحا، وعلمت بالعتق، والحكم فالمسمى فقط قبل البناء، وبعده‏.‏